من العبث الحديث عن إستقرار إقتصادي في ظلّ الإشتباك السياسي الذي يفرمل العجلة الإقتصادية ويفاقم الدين العام. ورغم ما يبذله الإقتصاديّون من جهد في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة والمصارف للمحافظة على استمرارها، غير أنه يصطدم بحائط مسدود بفعل التجاذبات السياسيّة التي منعت الدولة من إجراء الإصلاحات. ولعلّ أبرز نتائج هذه التجاذبات القضاء على الطبقة الوسطى التي كانت تعتبر حتى الأمس القريب دينامو الحركة الإقتصاديّة.
وفي ظلّ العولمة الإقتصاديّة، لا بدّ للبنان أن ينتقل من حالة الإقتصاد الإستهلاكي إلى حالة الإقتصاد المنتج.
إزاء هذا الواقع، لا بدّ للبنان من اعتماد إدارة رشيدة لإدارة الدين العام ووقف الإستدانة وسدّ مزاريب الهدر والإنفاق وتنظيم عمل المؤسسات. كما يجدر اعتماد المعاملة بالمثل مع الدول التي أبرم لبنان معها معاهدات إقتصاديّة، والتشدّد في مراقبة المنتجات المستوردة وإلزامها بمطابقة المواصفات، والحرص على عدم إدخال أيّ سلعة لا تحمل شهادة مطابقة للمواصفات.
كذلك لا بد للدولة أن تقوم بالخطوات التالية:
- التخليّ عن دورها الإنتاجي وحصر إهتمامها بالتحفيز والرقابة وتأمين البنى التحتيّة بالشراكة مع القطاع الخاص، والإعتماد على الطاقة المتجدّدة والإقتصاد الرقمي وتحفيز القطاعات الإنتاجية لدى جيل الشباب، ومساعدة المؤسّسات التجاريّة الصغيرة، وخلق فرص عمل عن طريق الإستثمار لبنى تحتيّة تتماشى ومتطلّبات الإقتصاد الحديث بالشراكة مع القطاع الخاص، وتخفيف الشروط والأعباء البيروقراطيّة على الشركات وتشجيع التخصّص المناطقي لتفادي الهجرة الداخليّة نحو المدينة وتحقيق الإنماء المتوازن.
- العمل على تخفيض أصل الدين عبر إشراك القطاع الخاص بإدارة القطاعات، الأمر الذي سيسهّل المساعدات من الدول والمنظّمات العالميّة، بالإضافة إلى زيادة حجم الفائض بهدف تقليص العجز في الميزانيّة، ووضع كل حسابات الدولة للتدقيق من قبل المؤسّسات العالميّة المتخصّصة.
- إدخال كل النفقات إلى الموازنة، تماشياً مع مبدأ الشفافيّة والمساءلة على أن تقرّ الموازنة على أساس التوازن بين الإيرادات والنفقات.